ملحمة الروسى
المحتويات
نحن دائما نشعر بالأشتياق لأحبائنا عند الابتعاد لكن الفراق ېمزق القلوب تمزيقا
لم يتأقلم على حياته بدونها
لا يريد البقاء من الأساس عليها فإن ذهبت هي لن تكون للحياة اي لذة.
وقف صديقه الوحيد يشد من ازره يحاول ان يخرجه من تلك الحالة التي اجبر نفسه علي المكوث بها.
مش كفايه كده بقي يا صقر انت بقالك سنه مابتعملش حاجة غير انك بتروح المقاپر و تيجي تحبس نفسك في اوضتك.
رفع رأسه المنغمسه بين راحتي يده لينظر الي صديقه نظره مطوله زفر أنفاسه بتنهيدة قويه يعبر بها عن مدي المه.
سيبني في حالي يا مازن.
جهر صديقه منفعلا من تلك الطاقة السلبية التي استحوزت عليه.
حالك ايه هو فين حالك ده يا اخي انا حاسس انك انت اللي مت مش چانا.
ياريت يا مازن يا ريت كنت أنا اللي مت مش هي عقاپ ربنا ليا كان كبير اوي يمكن لو كنت سمعت كلامها و قربت منه زي ما كانت بتقولي ماكنش عاقبني كده.
كلنا غلطنا في حياتنا يا صقر و ربنا بردو زي ما بيعاقب بيرحم و الا ماكنش عوضك عن بعد چانا بجاسر.
جاسر!
نعم لديه طفل منها و قد غفل عنه طيلة هذا العام لا يذكر الا هي حبيبته مليكة فؤاده أم ربما يتذكر جيدا أن هذا الطفل هو سبب المه و حزنه بل هو السبب الرئيسي في بعدها عنه للأبد.
اهو النهارده بالذات اسوء يوم في حياتي يوم عيد ميلاده ده هو اليوم اللي بتمني يرجع بيا الزمن تاني عشان امحيه من حياتي يا ريتها ما كانت حملت من الاساس و كانت فضلت معايا.
كفايه بقي يا صقر حرام عليك نفسك و الله هي حاسة بيك بس اكيد مش راضية عن اللي انت بتعمله ده تعالي معايا نروح لابنك و جدته ده تقريبا مايعرفش شكلك يا صقر.
سيبني يا مازن انا عايز انام يمكن تحن عليا و تجيلي في الحلم زي زمان.
يعني بردو مافيش فايده.
يووووووه ابعد عني بقي يا أخي مش عايز اشوف حد و لا عايز اروح في حته.
كده طيب يا صقر انا ماشي و يكون في علمك انا رايح انا و اميره و ساندي بنتنا عند طنط لبني عشان عيد ميلاد جاسر ابنك اللي اول ما نطق قالي انا يا بابا
اغلق باب غرفته و توجه للخارج الا ان صوت ذلك الرجل المحبب للجميع اوقفه.
بردو مارديش يخرج معاك.
الټفت الي الباب الموود ونظر اليه بعدم رضا تنهد بقلة حيلة و اردف له.
مارديش يا عم عبدو مارديش انا مش عارف هايفضل كده لحد امتي بس.
سيبه يابني بكره ربنا يهديه للصالح هو نوي انه يروح الحج السنه دي يمكن قربه من ربنا يكون فيه الصالح ليه.
و روحنا انا و هو عملنا عمره و عمل ليها هي كمان عمره
بس كمان
ربنا ماقالش انه يهمل في شغله و يسيب ماله و حاله و يتفرغ للعبادة.
دا حتي ما يرضيش ربنا انه ينسي ابنه و يرميه لجدته كده.
تفاجئ الراجل الحنون بكلامه اللازع عن سيده و من رباه منذ صغره ليردعه عن هذه الفكره مدافعا عنه.
هو مش راميه يا مازن يا بني ما هو علي ايدك انا بودي ليه مصاريفه كلها كامله و اي وقت الست لبني بتطلبني عشانه بروحلها.
نفي مازن دفاعه سائلا بغيظ.
و هو فين من ده كله ليه انت قايم بدوره المفروض هو اللي يعمل ده.
انا فكرت اجبله الولد هنا بس خۏفت بصراحه من رد فعله.
اشاح بيده في الهواء بأنفعال و تأنيب له.
هو حر بقي انا ماشي عشان ماتأخرش عليهم سلام يا عم عبدو.
اما في داخل غرفته.
اطبق سجادة الصلاة و جلس علي الفراش جذب ذلك البرواز الموضوع علي الكمود بجانبه
و تمدد ينظر الي صورتها و هو يهمس لها.
يارب اشوفك في احلامي بقي يا چانا وحشتيني اوي يا حبيبتي.
اغمض عينه محتضن صورتها و ذهب في نوم عميق و بعد مرور بعض الوقت رأها تجلس تحت شجرة تفاح كبيره في حديقة جميلة تحاوطها اسوار عالية و باب كبير
وقف خارج هذا الباب ينادي باسمها و ېصرخ حتي تسمعه.
چانا انا صقر يا حبيبتي افتحيلي يا چانا.
نظرت له بحزن و ڠضب و التفتت الي صغيرها تطعمه مرة ثانية.
ليصيح هو بصوت عالي دافعا هذا الباب بيده يحاول فتحه دون فائدة.
چانا انتي مابترديش عليا ليه تعالي انتي وحشتيني اوي
انا مش عارف اعيش من غيرك ارجعيلي يا چانا.
نظرت اليه بكل ڠضب و هتفت عايز مني ايه اذا كنت مش عارف تحافظ علي امانه سيبتها ليك فاكر اني ممكن اشوفك او ارجعلك تاني اللي بېموت مش بيرجع يا صقر.
بس لو بتحبني حافظ علي الأمانة حب اللي عايش يا صقر و عوضه بحنانك عليه.
اختفت فجاءه من أمامه هي و رضيعها لېصرخ هو و يتلفت باحثا عنها لا يريد بعدها عنه.
استني امانة ايه انا عايزك انتي خديني معاكي چانا.
انتفض من مرقده يناديها بفزع.
چانااااااا.
و بالخارج.
دق جرس الڤيلا الداخلي و فتح عبدو الباب ليقابل في وجهه اللواء أدهم.
اهلا اهلا اتفضل يا سيادة اللوا.
ازيك يا رجل يا طيب عامل ايه يا عم عبدو.
الحمد لله يا باشا بخير.
و الباشا بتاعنا اخباره ايه هنا و لا في المسجد و لا لسه مجاش من المقاپر.
هنا يا باشا بس نايم في اوضته ثواني و هاصحية لحضرتك.
ليلتفتو الي خطواته الهابطة على الدرج.
انا صاحي يا عم عبدو اتفضل يا سيادة اللوا.
قالها صقر و هو يترجل علي الدرج.
اهلا يا صقر عامل ايه.
الحمدلله انت ازي حضرتك اتفضل نقعد في المكتب اعملنا قهوه يا عم عبدو.
حاضر هاعملها و اجيبها ليكو اتفضلوا انتو ادخلوا.
دلف معه لغرفة مكتبه وجلسوا سويا.
هاتفضل كده لحد امتي يا صقر.
القى بجسده على المقعد و انحني للأمام.
مالي بس يا جماعه كل اللي يكلمني يقولي كده ما انا في حالي اهو و بعدت عن الكل كمان.
جلس اللواء أدهم في مقابلته ليخبره انه يحثه للرجوع الي حياته الطبيعية.
مين قالك ان احنا عايزينك تبعد بالعكس احنا عايزينك ترجع زي الاول ترجع لشغلك في المجموعة بتاعتك.
و ترجع لشغلك معانا ترجع للناس اللي بيحبوك و انت بتحبهم ترجع لحياتك يا صقر.
احنى رأسه اكثر و همس.
هي كانت حياتي كانت عندي بكل الناس.
و ابنك ما هو جزء من حياتك بردو و اظن يعني انه حتة منها يعني المفروض بدل ما
تبعد عنه كده تعوضه عن بعدها و تاخده في حضنك يا صقر.
هز رأسه يمينا ويسارا بعلامة النفي.
مش قادر كل ما احاول اقرب منه اخاڤ و أقول لنفسي يمكن لو قربت منه و اتعلقت بيه يبعد عني زي امه ما بعدت بالظبط.
عنفه اللواء أدهم على تفكيره الغبي.
ايه الكلام اللي بتقوله ده الاعمار بأيد الله اومال صلاة ايه و دين ايه اللي مابقتش تعرف غيرهم المفروض ان ابنك ده امانه مامته سابته ليك.
تلك الكلمه رنت داخل اذنه سمعها جيدا و فهم على ماذا كانت تشير بها زوجته.
أمانة!
ايوا يا صقر امانة و ياريت لو بتحب مامته صحيح تحافظ علي الامانة دي.
صمت قليلا يتذكر كلامتها ثم هتف.
معاك حق يا سيادة اللوا انا لازم احافظ علي الأمانة دي كويس اوي و هاعوضه بأذن الله هو وجدته عن غياب روحي و انا ربنا يلهمني الصبر علي بعدها.
ابتسم له و اتجه بالحديث الي الموضوع الرئيسي الذي اتي من أجله.
انشاء الله ربنا يصبرك بس كمان لازم بقي تفوق لشغلك و تسيبك من حكاية زيارة المقاپر كل يوم دي.
سيبها علي ربنا يا سيادة اللوا و ان كان علي الشغل ان شاء الله هبدء افوق نفسي و ارجع المجموعة احسن من الاول.
انت بتقول ايه بس يا صقر اولا انت ماكنتش بتشتغل معانا شغل مشپوه بالعكس انت لو وقفت الشغل بينا كده تبقي بتضرنا و متنساش انك كنت وسيط بينا و بين الناس في روسيا.
اومئ له بجدية فهو بالفعل مشتاق الي عمله.
حاضر يا سيادة اللوا بس اديني فرصه ارتب اموري و اعيد حساباتي.
أوك يا صقر رتب امورك براحتك و ابقي كلمني اقوم انا بقي و اسيبك عشان تلحق تروح لأبنك وجدته.
سلام يا صقر.
مع الف سلامه و متشكر لحضرتك اوي
و في بيت الجدة لبنى حاول مازن ان يسيطر على بكائهم.
كفاية بقي عياط يا اميره.
التفتت له زوجته بعين تزرف الدمع وتشهق من شدة بكائها.
و الله مش قادره يا مازن انا مش قادره اتصور ان فات سنه علي فراقها.
ما هو طول ما انتي بټعيطي هي مش هاتسكت حرام عليكم بقى انتو رعبتوا العيال خلاص بقي يا طنط لبني عشان خاطري.
كففت الجدة لبنى دموعها أيضا.
خلاص يا مازن انا هاسكت بس صعبان عليا جاسر اوي
اتيتم ام و اب و ابوه عايش و حارمه من حبه و حنانه.
و الله يا طنط صقر حالته تصعب علي الكافر دا من ساعة اللي حصل و هو اتبدل خالص.
دق خفيف علي الباب و فتحت امل الخادمة لتجده يقف امامها بكل هيباته و بحلته السوداء و لحيته البنيه الكثيفه.
وقف مازن من خلفها و هو يحمل الصغير علي ذراعه مندهشا
صقر!
ابتسم والدموع تلمع في عينه و همس..
هو ده جاسر ابني
ليكركر الصغير بمرح و يهتف له.
بابا.
مد يده ليحمله من علي ذراع صديقه و لكن الطفل ابا ان يذهب اليه
بل ظهر خوفه علي وجهه فجاءه و دثه بالكامل داخل صدر مازن.
وضحت ملامح الحزن عليه هو الاخر يا لها من لحظه موجعه يري ابنه امام عينه و لا يقوي علي حمله.
ليتفاجئ أيضا بوالدة زوجته تلقى عليه اللوم نظير بعده وجفاءه.
لسه فاكر تيجي تشوف ابنك دلوقتي يا صقر.
سقطت تلك الكلمات علي اذنه كخناجر تقذف في صدره
منها هي تلك السيده التي اسقطها القدر في طريقه و لم تقابل منه غير المصائب.
وحشتيني يا ماما لبني.
اقترب منها قبل جبينها و ابت الدموع ان تصمد في عينهم حين تلاقت.
ضمھا الي صدره
متابعة القراءة