العاصفة
المحتويات
نفسيا بسبب خضوعها التام إلى فوزي سنوات إلا أنها أحبت كارم و بدأت تعود إلى طبيعتها على يديه إلى أن أتى ذلك اليوم المشئوم
ربما انتكست أو صدقت الجملة الشهيرة كلهم مصطفى أبو حجر نظرت إليه بهدوء كأنها تعترف له و للجميع كم هي ضعيفة
إحنا وصلنا!
أومأ إليها قائلا
أيوة وصلنا البيت ده بيتي عايش فيه أنا و أمي و ابني كمان يلا عشان أكيد مشتاقة تشوفي بناتك صح و الا أنا غلطان
كارم أنت بتعمل معايا كدة ليه معقول بعد ما كنت عايز تقتلني بقيت عايز تحميني أنا و بناتي!
أغلق باب السيارة بعدما كان فتحه ليخرج منه ثم وجه نظره لها مردفا بجدية
بصي يا بنت الناس إحنا في الحي ده اتعلمنا ازاي نكون رجالة عشان كدة مستحيل أشوف ست محتاجة مساعدة و أقول لا حتى لو ست دي أكتر واحدة كسرتني في الدنيا بناتك مالهمش ذنب إنك أمهم و لا ليهم ذنب في اي حاجة بتحصل عشان كدة أنتي و هما في حمايتي لحد ما أعرف حكايتك إيه و مين اللي عايز يقتلك أما حبي ليكي دي صفحة و مبقاش لها وجود
شكرا على كل حاجة ابدأ أقف على رجليا من أول و جديد
و بعد كدة أنا متحملة حماية نفسي
دقيقة واحدة و كانت تضم بناتها الثلاثة داخل أحضانها كم رائحتهم رائعة لذيذة شهية سقطت دموعها كان بينها و بين المۏت خطوة واحدة و عادت إليهم فقط
مش عارفة أشكر حضرتك ازاي يا طنط على وجود بناتي معاكي بجد ألف شكر
رغم حنان أم كارم الكبير إلا إن قلبها لم يرتاح إلى هاجر مطلقا أبتسمت إليها بجمود قائلة
ضيوف كارم سيف علي رقبتي يا ست هاجر شكلك في التليفزيون أحلى من الحقيقة بكتير هما الممثلين كمان كدة
إحنا بنبقي حلوين في نظر الناس اللي قلبها أبيض زيك يا طنط لكن في الحقيقة كل واحد له عيوبه طبعا
أشارت لها أم كارم على غرفتها مردفة
طيب أدخلي ارتاحي أنا عارفة البيت مش اد مقامك بس أنتي كدة أو كدة مش مطولة
دلفت هاجر للغرفة و كارم يحمل عنها الفتيات ثم ترك لها المكان خرج ليجد والدته تنظر إليه پغضب ليقترب منها بذهول قائلا
لما تبقى نهاية عمرك على ايدها يبقى هي ده المعاملة بتاعتي يا معلم كارم
في الساعة التاسعة صباحا
على سطح المنزل ظل عابد ينتظر فتون أكثر من ساعة بدأ أن يفقد أعصابه فهو هنا ېموت من الشوق و هي تسوق الدلال عليه
جز على أسنانه من شدة الغيظ و هو يضرب الحائط عدة مرات مل من لعبة القط و الفأر و يتمنى أن يعيش معها أسعد الأوقات و ألذ اللحظات
يشعر بابتسامتها الناعمة على صدره يعلم أنها تفخر بسماع دقاته التي لا تصبح مثل الطبول إلا من أجلها أخذ نفس عميق من رائحة عطرها الفطرية هامسا
أعمل فيكي ايه أخرج بروحك عشان أرتاح أربطك عشان كل ما أشتاق ليكي أضمك لقلبي
همهمت ببعض التوتر
أنا مكنتش ناوية أطلع الظروف عندنا مش كويسة يا عابد خصوصا بعد ما راحت فريدة تعيش عند فاروق جيت بس عشان أنت عايز تشوفني
ابتعد عنها قليلا و هو مازال يحتفظ بها بين صدره ثم مرر أنفه على أنفها يخلط أنفاسه بأنفاسها أردف بعتاب
يعني لو مش عايز أشوفك مش هوحشك يا فتون
زادت إبتسامتها اتساعا قائلة بحماس طفلة
تعرف اسمي لما بيطلع منك بيرد
ليا الروح تاني يا عابد عايزك دايما تقولي يا فتون بحس وقتها بالأمان
سحبها من كفها الصغير ثم جلس بها على أحد المقاعد قائلا بجدية
أنتي اللي حرمتيني و حرمتي نفسك من الأمان ده يا فتون الكذب حبله قصير و نهايته وحشة
عضت على شفتيها بتوتر تخفي به حزنها مردفة
فعلا النهاية كانت وحشة أوي يا عابد بس تعرف أنا مش ندمانة على حاجة اد ما ندمت على فريدة إني دخلتها في لعبة هي مالهاش دعوة بيها الأخوات التوأم دايما بيحسوا ببعض و أنا متأكدة انها مش بخير بس مش عارفة أعمل إيه أو آخد خطوة ازاي
تغيرت ملامحه لأخرى صارمة و نبرة صوته بها درجة عالية من الټهديد
أنتي غلطتي و الغلطان لازم يتحاسب لما يتقفل علينا باب واحد هعرفك إن الكذب حرام فريدة بتحبك جدا عملت كدة عشان تساعدك حتى لما عرضت نفسها للخطړ و هربت كان عشان تاخدي فرصتك و نتجوز
نط بعقلها سؤال هام و سألته بلهفة
عابد لو مكنتش فريدة مشيت كنت هتعمل ايه!
لذيذة هي في كل أحوالها و بنفس الوقت حمقاء لا تعلم نهاية أفكارها الأشد جنونا منها
ابتعد عنها مبتسما بانتشاء و ما زاد انتشائه أنفاسها المتسارعة و عينيها التي ترفض النظر إليه من شدة الخجل
دفنت وجهها بداخل صدره مردفة
بلاش تهرب من السؤال و جواب
ابتسم أكثر و هو يقول
مش قولتلك من شوية الكذب نهايته وحشة جدا كنت هتجوز فريدة عشان تعرفي إن السحر ممكن بكل بساطة يتقلب على الساحر و يدمر حياته و حياة غيره
عادت فتون للمنزل و هي تسحب قدميها ببطء شديد حتى لا يصل أي صوت لجليلة أخذت نفسها براحة ثم أقتربت من غرفة جليلة تدق عليها بتوتر
منذ إتصال أزهار أن فريدة بمنزل فاروق و جليلة حبيسة بتلك الغرفة فتحت الباب عندما لم تجد منها رد
وجدتها تحمل ألبوم العائلة القديم و عينيها على صورة تجمعها بفاروق و أبيها جلست بجوارها على الفراش ثم وضعت كفها على ظهرها قائلة بحزن
مش كفاية بقى يا جليلة فريدة بقت بخير و إحنا أتأكدنا ان فاروق مش سارق مالنا مش لازم نرجع بقى لبيتنا و حياتنا أنا تعبت أوي من بعد فاروق يا جليلة أول ما دخلت المستشفى حتة مني راحت
ظلت جليلة على حالها شاردة بذكريات مضت من عمرها كم كانت الأم الحنونة لفاررق و كم كان يحبها لماذا وصلوا إلى نقطة الرجوع بها أصبح مستحيل لا تعلم
أصابعها تدور حول ملامحه الصغيرة يشبه ابيها بكل شيء كانت سيدة المنزل و يد والدها اليمين حتى أحبت منصور و هنا
بدأت اللعڼة
أزالت دموعها مردفه بحسرة
ليه كدة يا بابا! ليه ضيعت كل حاجة حلوة و خليت حياتنا تنتهي بالشكل ده! المال فاد بأيه و إحنا مش بنحب بعض و لا عارفين حاجة عن بعض الله يسامحك وحشتني أوي و فاروق كمان وحشني أوي
سقطت دموع فتون من شدة تأثرها رغم أنها كانت طفلة صغيرة لم تشاهد ما حدث بتلك القصة أبدا إلا أنها دفعت الثمن مع الباقي بللت شفتيها ثم أردفت
بلاش تعملي في نفسك كدة يا جليلة كل حاجة هتتصلح
نظرت إليه جليلة پغضب صاړخة
ايه اللي ممكن يتصلح بعد ما العمر قرب يخلص و الأخوات أكلت في بعض عشان الفلوس يا فتون مفيش حاجة ممكن ترجع زي الأول تاني أبدا
مين بقى اللي قالك الكلام الفارغ ده!
انتفضت هي و فتون على أثر وقوف فاروق على الباب الغرفة لم يستوعب أحد منهم ما يحدث لتقول فتون بتوتر
أنت دخلت و باب الشقة مقفول ازاي يا أبيه!
ابتسم لها فاروق مشيرا لمفتاح الشقة الموضوع بيده ثم قال
بالمفتاح يا حبيبتي و بلاش تسألي المفتاح معايا بيعمل إيه يلا معاكم ساعة عشان نمشي من هنا
قامت جليلة من مكانها قائلة بقوة
نمشي نروح فين يا أبن المسيري!
أخذ نفس عميق قبل أن يشير لها بعدم قول كلمة أخرى قائلا بصرامة
على بيت العيلة يا بنت المسيري مش عايز أسمع منك كلمة لو مش حابة تيجي اخواتي الصغيرين من النهاردة تحت حمايتي أقعدي هنا بقى لوحدك
صړخت به
عايز تاخد اخواتي مني يا فاروق بعد ما ضيعت سنين عمري عليهم!
حرك رأسه بمعنى لا فائدة منها أو من تفكيرها سند رأسه على باب الغرفة قائلا
اسمعي يا جليلة لو على الفلوس من بكرا هكتب كل حاجة باسمك أنتي و البنات و أنا مش عايز حاجة إلا ألم اللي باقي من عيلتي يلا يا فتون و أنتي شوفي عايزة ايه يا جليلة بس اخواتي البنات من النهاردة في بيتي
بعد ساعة كانت تركب بجوار فتون بداخل سيارته ليقطع هو الصمت قائلا
عايزك في مشوار مهم يا فتون
مشوار إيه ده يا أبيه
أجابها و عينه على جليلة التي تحدق به باهتمام مردفا ببرود
إبن حبيب القلب عندي في المخزن هنروح يرمي عليكي اليمين و كل واحد فيكم يرجع لحياته أنتي مش لازم تشيلي ذنب حد
الفصل العاشر
عاصفةبإسمالحب
أخذها الأخرى إلى غرفة مكتبه يتعرف على أخواته البنات لأول مرة صدره ضاق به إلا أن لديه إصرار كبير حتى يبقى صامدا جعلها تجلس بجواره ثم تحدث بهدوء
بټعيطي ليه يا فتون!. هو مش المفروض ده كان عريس فريدة و أنتي أنقذتي الموقف في آخر لحظة!..
حركت رأسها نافية بدموع مڼهارة على وجهها الناعم ثم بدأت بالحديث بصوت متقطع
لا أنا بحب عابد يا أبيه و أنا كمان السبب في كل حاجة حصلت قلت ثقتي في نفسي خلتني أحبه و أتكلم معاه على إني فريدة مش فتون و كل حاجة وحشة حصلت لفريدة كانت بسببي...
مفاجأة جديدة لا فهي صدمة جديدة حرك أحد أصابعه على ذقنه بتعب... رأسه اقتربت من الانفجار أهو كان مېت ليحدث كل هذا!.. كيف يجب عليه التصرف الآن لا يعلم!. رفع رأسها إليه و بالكف الآخر أزال دموعها قائلا
غلط يا فتون لازم تعرفي إن كل حاجة حصلت منك كانت غلط من أول ما كلمتي شاب الله أعلم كويس أو وحش لحد ما كذبتي و فضلتي تكذبي محدش مش بيغلط بس غلط عن غلط يفرق لازم تتعاملي على إنك جوهرة نجمة بعيدة مش أي حد يقدر يقرب منها اللي أنا مش من حقي أحاسبك عليه لأني جزء كبير من أي غلطة حصلت بس اللي جاي بتاعي يا فتون...
معه كل الحق هي غبية أنانية لم تفكر بشكل صحيح و كانت النتيجة بشعة أكبر حلم لديها بتلك اللحظة إلقاء نفسها على صدر شقيقها لتشعر بالأمان استقبلها هو بقلب مرحب و ۏجع قاټل أخذها بين أحضانه فهو بأشد الحاجة إلى هذا العناق أكثر منها..
ضم رأسها إليه بقوة قائلا
اطلعي ارتاحي و وعد مني ليكي كل حاجة هتبقى كويسة جدا بس خلي عندك ثقة فيا...
أنا واثقة فيك يا أبيه يمكن أكتر من نفسي...
دقت جليلة على غرفة أزهار التي فتحت لها الباب بوجه خالي من أي تعبير لم تعطي لها أي فرصة للعتاب مجددا بل أخذتها بداخل أحضانها بحنان..
أزهار تعتبر ابنتها التي لم تنجبها تحبها تخاف عليها كل شيء تفعله على قلبها أحب من العسل الأخرى تعبت من الخصام لم يبقى لها أحد تستند عليه دوما كانت جليلة ظهرها و الآن تشعر بالتعري..
كتمت صړختها بصدر الأخرى هامسة
أنا تعبانة أوي يا جليلة...
أغلقت جليلة الباب عليهما و جلست بها على الأرض تتركها تفعل ما تشاء ابتعدت عنها أزهار باكية تحاول التحكم بشهقاتها حتى لا تصل إليه مرددة بقلة حيلة
تعبت أوي يا جليلة و الدنيا مش لاقية إلا أنا عشان كل شوية ټضرب فيا الحب طلع وحش أوي زي ما أنتي كنتي دايما بتقولي و أنا هبلة مش بسمع الكلام عايزة أرجع الحارة أبيع خضار مع الناس اللي بتحبني بجد أنا هنا كل ما اشوفه ادامي بحس بالعجز مش قادرة أكرهه أو عشان أكون صريحة معاكي لا عارفة آخد حقي و لا عارفة أرجع أحبه لا قادرة أبعد و لا أنا طايقة أكمل.. في حتة منه جوا مع إن اللي زيه كلمة بابا خسارة كبيرة فيه أنا مش عايزة أبعد عن ابني و لا عايزة آخده معايا في الفقر أنا تعبت و لازم أموت بقى...
وضعت جليلة يدها على فم الأخرى قائلة بقوتها المعتادة
أنا بعدت لأني كنت في كذا طريق.. فريدة مش عارفة أوصل
لها و فتون اتزوجت عابد فاروق في المستشفى و أنتي منصور قالي أنه معاكي دايما سبتك في أكتر وقت أنتي محتاجة وجودي فيه بس أنا خلاص رجعت و في ضهرك من تاني أنتي قوية يا أزهار مش ضعيفة عشان تقعي بالبساطة دي ارفعي رأسك و فكري إزاي تقفي على رجلك من جديد و ترجعي كرامتك مش پالقتل و الغباء اللي حصل ده.. فوقي و اعرفي إن أخد الحق حرفة...
أومأت لها أزهار بتعب تريد أخذ جولة جديدة ببحر النوم و الأحلام التي أصبحت تهرب بهم دائما نامت على صدر جليلة مردفة
احكيلي حدوتة يا جليلة عشان أنام...
استيقظت هاجر بعد غفوة بسيطة تتألم من چرح ظهرها حاولت الاعتدال على الفراش إلا أن ۏجعها أصبح أضعاف من الواضح أن المسكن انتهى مفعوله..
ألقت نظرة محبة على بناتها ثم أخذت الدواء الموضوع على الطاولة بجوار الفراش أغلقت بعدها عينيها إلى عدة دقائق ثم أخذت نفسها ببعض الارتياح...
وضعت قبلة على وجه بناتها ثم قامت من مكانها تستند للخارج وجدت والدة كارم تجلس على مقعدها و بيدها صينية تنظف عليها الأرز جلست هاجر بجوارها قائلة بخجل
شكرا جدا يا طنط على رعايتك لبناتي طول الفترة اللي فاتت دي..
ابتسمت إليها أم كارم إبتسامة صفراء ثم أردفت
بصي يا بت الناس أنا واحدة شافت في الدنيا الكتير و عارفة الواحد في إيه من عينيه أنتي أم و خاېفة على بناتك و أنا كمان أم و خاېفة على ابني من ساعة ما بناتك دخلوا هنا و أنا طول الليل مش عارفة أنام من الكوابيس الشړ جاي معاكم لابني و أنا اللي يرش على ابني مياة
متابعة القراءة