بقلم ندى محمود

موقع أيام نيوز


فتاة تستند بمرفقيها فوق سطح الطاولة وتضع رأسها فوقهم نائمة رفع حاجبه باستغراب واقترب أكثر حتى وقف أمام الطاولة وابعد خصلات شعرها عن وجهها حتى يتمكن من رؤيتها فصابه الذهول عندما وجدها مهرة !! 
كانت تنام بعمق والإرهاق والتعب يبدو على وجهها حتى هي ونائمة فمد ذراعه وهزها برفق هامسا حتى لا يفزعها 

مهرة مهرة 
انتفضت كالتي لدغها عقرب ووثبت واقفة تحدق بآدم في عدم استيعاب وكأنها لم تدرك ما يحدث حولها فهتف هو بحدة 
إنتي مچنونة إيه اللي مقعدك لغاية دلوقتي مفيش حد غيرك في الشركة 
رفعت كفها لفمها تتثاؤب وتجيبه بخفوت 
أصل كان معايا شغل كتير ولازم بكرا الصبح يتسلم فقولت اقعد واخلصه ولما عرفت إنك لسا موجود فاطمنت اني مش هقعد وحدي يعني بس معرفش ازاي نمت 
آدم بحزم واستياء بسيط 
ما يتحرق الشغل إنتي إيه ضمنك تقعدي وحدك ممكن يحصل إيه واحمدي ربك إني اخدت بالي منك قبل ما امشي 
مهرة بخنق من توبيخه لها 
خلاص متبقاش قفوش ياعم أنا غلطانة إني همي على مصلحة شغلكم بعدين مين ده اللي يقدر يقرب مني ده أنا أخلي وشه شوارع 
آدم مستنكرا 
اه انتي هتقوليلي بإمارة امبارح بعدين ايه الألفاظ دي المفروض انتي بنت تكوني رقيقة وكلامك لطيف مش أخلي وشه شوارع !!
اه زي ليلى سكرتيرة عدنان بيه
مالها ليلى ! 
مهرة بقرف وغيظ 
بتمشي تتقصع بالكعب بتاعها في الشركة كلها وتفضل تتطوح زي الفرخة الدايخة يمين وشمال لغاية ما في مرة هتتكفي على بوزها وهيبقى منظرها وحش أووووي
انطلقت منه لا إراديا ضحكة عالية يعيد جملتها من بين ضحكه بتعجب 
فرخة دايخة !!! 
مهرة بثغر
متسع وبمرح 
شوفت ضحكت اعترف بقى هااا اعترف إني دمي خفيف وبضحك يبقى متسكتنيش تاني لما اتكلم عشا 
قاطعها عمدا وهو يبتسم بمشاكسة 
اسكتي يامهرة ويلا
مهرة بنفاذ صبر 
اووووف سكت أهو حلو كدا !! 
اماء برأسه في إيجاب وأشار لها بأن تلحق به فسارت خلفه باقتضاب لكن سرعان ما عادت تتحدث إليه من جديد هاتفة بعفوية 
هو إنت ليه عينك مش باينة خضرا دلوقتي

غضن حاجبيه باستغراب من سؤالها لكنه ابتسم واجابها ببساطة 
عشان احنا في الضلمة لازم مش هيبان لونها الطبيعي 
وقفا أمام المصعد الكهربائي وبمجرد ما أن انفتح ودخلا فاقترب بوجهه منها فجأة وهمس مداعبا بابتسامة 
كدا رجعت خضرا في النور صح ! 
انتفضت للخلف بزعر وهتفت مڤزوعة 
إيه الهزار البايخ ده ياعم 
قهقه بخفة فوجدها تبعده لآخر المصعد هاتفة بغيظ 
خليك بعيد كدا عني 
آدم بتعجب وعدم فهم 
ليه !! 
مش واثقة فيك 
عاد يضحك مرة أخرى لكن دون صوت حتى انفتح باب المصعد وخرجا يسيران معا إلى خارج الشركة بأكملها فيهتف هو محدثا إياها باستنكار 
تحبي اوصلك ولا لسا مش واثقة فيا 
مهرة بعفوية ومزاح 
هتخطفني ! 
زم شفتيه بجدية مزيفة يبادلها المزاح 
على حسب لو صدعتيني في العربية ممكن اعملها 
هتفت بثغر متسع وبطريقة كوميدية
وحماسية 
يبقى هصدعك 
رمقها مدوهشا وهو يبتسم بحيرة فأسرعت تعدل جملتها بضحكة بلهاء 
إنت بتصدق أي حاجة كدا علطول بهزر طبعا أنا هاكل دماغك
بس 
اڼفجر ضاحكا واكمل سيره باتجاه سيارته ليفتح باب مقعده ويجيب عليها قبل أن يستقل به 
طيب اركبي يابلائي 
ابتسمت له باتساع في عفوية ولطافة كالأطفال ثم استقلت بالمقعد المجاور له 
كانت كامنة في
فراشها وتسحب الغطاء فوق جسدها تولي ظهرها للباب كالعادة وعيناها تحدق في الفراغ أمامها بسكون تام لكن يدها امتدت تعبث بعقدها الذي البسها إياه بصباح اليوم وإذا بها تسمع صوت باب الغرفة ينفتح وتلتقط أذنها صوت خطواته داخل الغرفة 
نزع عدنان الجاكت وعلقھ ثم أخرج مفاتيحه وهاتفه يضعه فوق الطاولة الصغيرة بجانب فراشهم وتقدم خطوة نحو الفراش ليتسطح بجسده فوقه دون أن يبدل ملابسه حتى 
كان صوت زفيره وانفاسه العالية فقط المسموعة في الغرفةةحتى مرت دقائق وشعرت به 
مش هعمل حاجة ياجلنار مټخافيش 
تنهدت بعمق وردت في خفوت 
عدنان لو سمحت ااا 
أخيرا سمعته يهمس بصوت به لمسة الانكسار لأول مرة 
طلقتها ! 
وهي فين دلوقتي ! 
حين التفتت برأسها أصبحت في مواجهة وجهه تماما لا يفصلها عنه سوى سنتي مترات لا تحسب ليجيب عليها متطلعا في عيناها بعمق 
عمها اخدها مش عايز اشوف وشها تاني مش طايق اشوفها أساسا 
جلنار برقة 
كويس إنك فكرت في هنا ومعملتش فيها حاجة 
استند بجبهته فوق خاصتها هامسا 
انتوا كل حياتي دلوقتي 
اغمضت عيناها للحظات تستمتع بجمال اللحظة لكن سرعان ما فتحت عيناها وابعدت وجهه تعود لوضعها الطبيعي فتسمع تنهده القوى في عدم حيلة ثم عاد يدفن وجهه من جديد في شعرها وهدأت أنفاسه تدريجيا وهي معه حتى غطوا كلاهما في نوم عميق بعد دقائق طويلة نسبيا 
بصباح اليوم التالي 
كانت تجلس هنا فوق فخذ أبيها تشاهد التلفاز معه تستند برأسها فوق صدره وعيناها عالقة على التلفاز وفجأة دون مقدمات تذكرت شيء فابتعدت عن صدره وهتفت برقة 
بابي ! 
عدنان مبتسما بحنو 
نعم ياروح بابي 
هنا بعفوية طفولية 
إنت تعرف عمو حاتم 
اختفت ابتسامته وظهر محلها القوة في الملامح ليجيب على صغيرته بمضض 
أيوة اعرفه ياحبيبتي ماله 
اكملت هنا بنفس عفويتها غير مدركة لما تتفوه به وكيف سيكون تأثيره على أبيها 
لما كنا أنا وماما في أميكا امريكا هو في يوم فضل يلعب معايا كتير
عشان كنت تعبانة وقعد لغاية لما الليل خلص ولما صحيت الصبح لقيته لسا مش مشي
نهاية الفصل 
الفصل الواحد والثلاثون 
تابعتهم بنظراتها من بعيد وهي تبتسم بدفء تتطلع إليه كيف الصغيرة ساكنة بين ذراعيه بآمان فتقدمت منهم بخطوات هادئة وابتسامتها تزين ثغرها لكن تصلبت قدميها بالأرض فور سماعها لجملة ابنتها الأخيرة وهي تخبر والدها عن الليلة التي قضاها حاتم معهم بالمنزل 
هيمنت الصدمة على ملامحه لبرهة يرمق ابنته بجمود حتى بدأت تتشنج عضلات وجهه تدريجيا وتتقوس قسماته بشكل مريب ليجيب على صغيرته بترقب وصوت محتقن 
في البيت معاكم ! 
لمحت هنا أمها التي تقف كالصنم تحدق بأبيها في معالم وجه كانت غريبة بالنسبة لها ولم تتمكن من تفسيرها لكن حدثها الطفولي أخبرها بأن الأمور لن تسير بشكل جيد 
انتبه هو لنظراتها المعلقة على الجانب فالټفت لنفس الجهة فيرى جلنار ثابتة بالأرض ونظراتها تحمل بعض الاضطراب خصوصا بعدما وقعت عيناه الملتهبة عليها 
وبالثوان التالية كان يهب واقفا وينزل ابنته من فوق قدميه ليجلسها فوق الأريكة بمكانه ويهمس بطبيعية متصنعة 
خليكي هنا ياحبيبتي وكملى كرتونك 
أماءت الصغيرة برأسها متطلعة لأبيها باستغراب من تحوله المفاجيء والغريب ثم رأته يسير تجاه الدرج ويهتف محدثا أمها بصوتا مخيفا دون أن يلتفت لها بوجهه 
تعالي ورايا 
وصلت أمام باب غرفتهم الذي تركه مفتوحا بعد دخوله ألقت عليه نظرة من الخارج لتراه يقف ويرفع أنامله لذقنه يحكها ويمسح على نصف وجهه پعنف مغلقا على
قبضة يده
في شراسة لا تنكر أن حالته اربكتها وجعلتها تخشى ثورانه الذي ستشهده بعد قليل تقدمت إلى داخل الغرفة في خطوات
مترددة ثم أغلقت الباب بهدوء حتى لا تلتقط أذن صغيرتهم الأصوات المخيفة التي ستملأ الغرفة الآن 
سمعت البداية تخرج هادئة كالمتوقع وهو يسأل بخفوت مخيف 
إيه اللي قالته البنت تحت ده !!!! 
تنفست الصعداء تتحكم في اضطرابها الغير إرادي منه وغمغمت 
دي بنت صغيرة ياعدنان ومش فاهمة حاجة
صړخة جهورية انطلقت منه تبعتها وثوبه من مكانه بخطوة واحدة ليصبح أمامها 
حاتم كان بيعمل إيه في البيت طول الليل معاكي
رغم أن صرخته بعثت هزة بسيطة في جسدها إلا أن جملته كان لها الأثر الأكبر حيث ابتسمت وقالت باستنكار 
بيعمل إيه !!!
نزعت ابتسامتها من فوق شفتيها ورسمت الحدة لتتابع حديثها بنظرة خزي 
زي ما بنتك قالت كانت تعبانة جدا اليوم
ده وجبنالها الدكتور في البيت وهو صمم يقعد معانا عشان لو هنا تعبت تاني يتصل بالدكتور وميسبناش وحدنا وفضل قاعد جنبها في الأوضة طول الليل ومحدش فينا نام الليلة دي أساسا ارتحت كدا ولا مش مصدق كمان
لم تهدأ ثورته بل ازدادت حيث صاح في عصبية أشد 
يعني كنتي هربانة ببنتي وتعبت بالشكل ده وأنا معرفش وفوق ده كله تسمحي لراجل غريب يبات معاكم 
صاحت منفعلة 
قولتلك هنا كانت تعبانة وأنا أساسا كنت مڼهارة من الخۏف عليها وهو فضل معانا عشان لو تعبت تاني فجأة 
عدنان بصياح مرعب 
مفيش مبرر يخليني اهدأ لما أعرف إن راجل قضى الليل كله مع بنتي ومراتي في البيت اللي هي أصلا كانت هربانة مني 
جلنار في زمجرة 
وهو أنا هربت ليه مش عشان اتفاقك القذر إنت وبابا هربت لما ملقيتش حد احتمي فيه ولا الجأ ليه فلجأت للهروب منكم
قبض على ذراعها پعنف وجذبها إليه لتصتدم بصدره وېصرخ 
متتهربيش من غلطك بإظهار ظلمي ليكي سبق واعترفت بغلطي وفهمتك كل حاجة وإنه مكنش اتفاق على قد ما كان تمسك بيكي بس الهانم بتفسر كل حاجة على مزاجها ومن غير تفكير اخدت بنتي وهربت بيها لا وفضلت شهرين كاملين مع راجل غريب أنا كنت بحاول اتغاضي عن الكلام ده واتصرف بطبيعية وأنا بتخيل طول الشهرين كانت طبيعة العلاقة بينكم إزاي و نظراته ليكي كانت إزاي ده غير الصور اللي وصلتني وهو ماسك فيها إيدك ودلوقتي بتقولي كنت مڼهارة وهو فضل معانا عشان هنا !!!
حاولت التملص من قبضته لتصيح به
پغضب 
مكنتش قاعدة معاه والصور دي كانت في عيد ميلاده وتصرفه كان تلقائي لما كان بيشكرني على الهدية وأساسا أنا سحبت إيدي فورا وقتها 
هتف بتحذير شبه صائحا 
متعليش صوتك عليا 
صړخت في وجهه بشراسة وعينان حمراء كالدم 
وإنت متتكلمش معايا بلهجة التحذير وتزعق فيا مش
صوتك العالي هو اللي هيخوفني منك 
عدنان منذرا إياها وهو يتمالك انفعالاته بصعوبة 
جلنار أنا اقسم بالله على أخرى وبحاول اتمالك اعصابي بالعافية متخلنيش اوريكي الخۏف اللي بجد
تململت بين قبضته بعصبية لأنها لا تتمكن من التملص منه فتجاهلت جملته وصړخت بصوت ملأ الغرفة وبوجه محتقن بدماء الڠضب 
ابعد إيدك عني ومتلمسنيش
دش ليه الحق يلمسك غيري ولا يمسك إيدك غيري أنا بس اللي ابصلك والمسک فاهمة ولا لا
ظهر الألم على محياها رغما عنها عندما وجدته يعتصر كفها بقسۏة بين قبضته فهتفت بنبرة مرتفعة قليلا 
عدنان سيب أيدي بتوجعني !
تطلع في عيناها بنظرات كانت كالچحيم وتمتم بهمس مرعب 
اعتبري دي آخر مرة هعدي فيها زي ما عديت الصور وعديت هروبك معاه وكمان دفاعك عنه قدامي وطلبك اني اعتذر منه بعد اللي حصل في الفرح وزي ما هعدي اللي عرفته دلوقتي وهتغاضي عنه وأصدق إنك سبتيه يفضل بحسن نية زي ما قولتي على الرغم من إني متأكد أن مكنش الموضوع بغرض المساعدة فقط بالنسباله هعدي ياجلنار بس صدقيني دي آخر مرة بعد كدا لو سمعت اسمه تاني هتكون النتائج مخيفة
أدمعت عيناها من كلامه القاسې وشعورها بلهجة الشك المضمورة في صوته حتى لو لم تكن شك بالنسبة له لكنها أحستها هكذا وفوق ذلك قبضته العڼيفة على كفها والتي تؤلمها أكثر 
فهمست في وجهه بعين دامعة وڠضب امتزج بقسۏة فاقت قسوته لتطلق سهمها المسمۏم في الصميم بالضبط 
سبق وسألتني بتكرهيني بجد ولا لا وأنا جاوبتك يمكن أه ويمكن لا احب اقولك دلوقتي إني بكرهك بجد ياعدنان بكرهك من كل قلبي ومش عايزاك وندمانة إني منعت بابا لما جه وملختهوش
يطلقني منك
غضبه كشك فحتما مخطئة ربما غيرته العمياء وانفعاله الهادر هيأ لها كذلك هو
فقط لا يطيق تحمل اجتماع اسمها واسم حاتم بجملة واحدة والذي يثير جنونه ويشعل لهيب نيران صدره 
وصلت هنا أمام باب غرفة والديها بعدما سمعت صوت صړاخ أبيها وخاڤت قليلا فطرقت بكف يدها الصغير فوق الباب تهتف بعبوس 
بابي ! 
استغلت جلنار فرصة
طرق ابنتهم وسكونه التام بعد كلماتها لتبتعد عنه وتندفع نحو الحمام الملحق بالغرفة فيبقى هو مكانه للحظات حتى عاد صوت الطرق يرتفع من جديد مع صوت صغيرته الذي بات مبحوحا أخذ نفسا عميقا وتحرك نحو الباب ليفتح لها فيجدها تتطلع له بعينان تملأها الدموع 
ألا يكفي لقلبي دموع والدتك حتى تزيدي إنتي العڈاب بدموعك أيضا ! 
هو بابي هيلاقيها من فين ولا فين ياحبيبتي بس ! متعيطيش والله مش بستحمل اشوف دموعك 
دفنت وجهها الصغير بين صدره الواسع هامسة بحزن 
مامي بتحبك زي وبتزعل لما تزعق
انتصب في وقفته وهو يحملها معه ويهمس بمرارة 
امممم بتحبني أوي تعالي يلا ننزل تحت 
ومامي 
مامي في الحمام لما تطلع هتنزل ورانا
على الجانب الآخر بألمانيا تحديدا في مدينة برلين العاصمة 
داخل إحدى المستشفيات وبغرفة خاصة بأكفأ الأطباء بالمستشفى كان جالسا فوق مقعده أمام المكتب يرتدي مئزره الطبي الأبيض ويمسك بيده صورة صغيرة قديمة إلا أنه يحتفظ بها جيدا فمن يمسك بها لا يتوقع أبدا أن تلك الصورة مرت عليها كل هذه السنوات ومازالت كما هي 
يتأملها وبأنامله يتحسسها في رقة تلك الصورة هي الأنيس الوحيد في وحشته وغربته منذ سنوات طويلة 
طال الغياب وفقد حلو النظر لكنه لم يفقد ابدا لهفة اللقاء المحتوم 
انفتح باب الغرفة فجأة بدون سابق إنذار ليدخل شابا يناضره بالعمر ويهتف بمرح يتحدث اللغة الألمانية 
الطبيب هنا وبالخارج الجميع يبحث عنه ! 
تطلع إليه بيأس وهتف وهو يدس الصورة في مئزره 
لمرة واحدة فقط أطرق الباب
أولا 
تقدم نحوه ليربت على كتفه بخفة هامسا بضحكة عذبة 
وهل هناك خصوصية بيننا ياصديقي ! 
هز رأسه بعدم حيلة وقال 
لا فائدة من الجدال معك اجلس وقل ما لديك 
اقترب صديقه ليجلس فوق المقعد المقابل لمكتبه ويهتف في جدية هيمنت على صوته وملامحه 
سمعت إنك ستعود لمصر خلال أسابيع ! 
تنهد وقال بهدوء 
صحيح ولا اطيق الانتظار حتى يوم العودة 
أنت تمزح ! هشام إنت من أكفأ الأطباء بالمستشفى إن لم تكن أوشكت أن تصبح الاشهر على الاطلاق ببرلين هل ستترك كل شيء وتعود !! 
ابتسم واجابه في بساطة 
من قال أنني سأترك كل شيء سأواصل مهنتي ببلدي وربما بيوم أعود لبرلين مرة أخرى من يعلم ! 
أخرج صديقه زفيرا حارا ليجيبه بعد ذلك بنظرات دقيقة ويأس 
اهلكك الشوق ولم تتحمل أليس كذلك ! 
لاحت ابتسامة مريرة على شفتي هشام الذي أصدر تنهيدة طويلة تبعها استقامته من مقعده وهو يلتفت حول المكتب ويربت على كتف صديقه بخفة هامسا في مداعبة 
هيا ياصديقي لدينا الكثير من الأعمال وليس هناك وقت لنهدره في الحديث
هز رأسه الآخر مغلوبا على أمره فكلما يتخذ مجرى حديثهم ذلك الموضوع يسارع في تغييره أو التهرب منه وهو ما يفعله الآن كالعادة ! 
توقف بسيارته أمام أحد الفنادق الضخمة ثم ترجل منها وقاد خطواته للداخل مرتديا نظارته السوداء فوق عينيه حتى وصل إلى مكتب الأستقبال وقف أمام الموظفة التي بدورها ابتسمت له ببشاشة وقالت 
اتفضل حضرتك 
حاتم بصوت جاد 
حابب اعرف رقم الغرفة الموجودة
 

تم نسخ الرابط