جبر السلسبيل

موقع أيام نيوز


دي.. قالها المدير بأنفاس مقطوعة ليخفف جابر قبضته قليلا حول عنقه و صړخ في وجهه بنفاذ صبر قائلا..
ميييين هو أنطق..
جراح القلب الدكتور أيوب زيدان...إحنا حاولنا نتصل بيه بس تليفونه مقفول كلمنا المستشفى اللي هو مديرها بلغونا إن انهارده أجازته هكتبلك عنوان بيته و روح هاته بنفسك لأن مافيش قدامنا وقت..
بالفعل تركه جابر على مضض فأخرج ورقة و قلم من جيب البالطو الخاص به و دون بها عناوين دكتور أيوب خطڤها منه جابر و استدار يستعد للذهاب ليجدسلسبيل جالسة أرضا بجوارها عفاف و خضرا يحاولان مساعدتها على النهوض لكنها أبت و ظلت على وضعها محتضنة بطنها بذراعيها في حالة ذعر شديد و مع ذلك لا تبكي متماسكة لأقصى حد

هرول نحوها وجثي أمامها على ركبتيه و جذبها بمنتهي الرفق من معصميها أرغمها على الوقوف و
دفعها بخفه لأقرب مقعد أجلسها عليه مغمغما..
متخفيش يا سلسبيل إن شاء الله عبد الجبار هيقوم منها .. ادعيلوا أنتي بس و فوضي أمرك لله ..
أنهى جملته و أختفي من أمامها كالزئبق ركض بكل ما يملك من سرعة حتى يحضر الطبيب لينقذ حياة الشخص الذي أصبح أعز صديق بالنسبة له..
................................... يا حي يا قيوم برحمتك استغيث....
حالة من الذهول أصابت جابر حين وصل بسيارته لعنوان الطبيب أيوب تطلع حوله للمنطقة الشعبية شديدة البساطة التي لا تتماشى مع كونه مدير أشهر المستشفيات في مصر!!
صف سيارته و هبط منها يدور بعينيه يبحث عن منزله ليلمح يافته كبيرة مدون عليها إسمه بالطابق الأخير لمنزل قديم تم ترميمه حديثا اندفع نحو الداخل راكضا على الدرج حتى وصل لتلك الشقة التي يخرج منها صوت ضحكات لتجمع عائلي تسر القلوب..
أخذ نفس عميق يلتقط به أنفاسه اللاهثه و ضغط على الجرس عدة مرات حتى فتح الباب و خرجت منه امراءة بشوشة الوجهه أبتسمت له بوداعة و هي تقول..
خير يا ابني! ..هم جابر بفتح فمه لتستطرد زينب بفخر و فرحة دون أن تمنحه فرصة للرد..
عايز ابني الدكتور أيوب مش كده ..
أجابها جابر بلهفة قائلا.. 
أيوه يا أمي.. عايزه ضروري جدا في مسألة حياة أو مۏت..
تطلعت له زينب بشفقة و من ثم لفت وجهها و نادت بصوتها الحنون المليء بالحب.. 
أيوب.. يا دكتور أيوب يا نن عين أمك.. تعالي يا ضنايا ..
اؤمريني يا أمه ..
هكذا لبى ندائها على الفور كعادته معاها و أتى إليها مهرولا بهيبته و هيئته التي ټخطف القلب
وقف بجوارها و حاوط كتفيها بذراعه لتشير له زينب على جابر الواقف بعيدا عن وجهة الباب..
وفي واحد عايزك ضروري يا حبيبي..
نظر أيوب تجاهه و تحدث بترحاب قائلا..
أهلا و سهلا.. اتفضل..
دكتور أيوب أنا آسف إني جاي لحضرتك من غير ميعاد بس في واحد واخد رصاصة في صدره و حالته خطېرة أوي و كل الدكاترة اللي كشفوا عليه رافضين يجازفوا و يعملوه العملية و قالوا محدش غيرك بعد ربنا اللي يقدر ينقذه ..
أردف بها جابر مرة واحدة دون أن يدع فرصة ليلتقط بها نفسه..
أنا جاي معاك.. قالها أيوب دون تفكير فهو لن يغلق بابه أبدا بوجهه أحد لجأ إليه قبل يد و رأس زينب مغمغما ..
ادعيلي يا أمي ..
ربتت زينب على صدره بكف يدها بحنان بالغ و هي تقول.. 
دعيالك يا قلب أمك.. تربح و تكسب و يجعلك في كل خطوة خير وسلامة يا أيوب يا ابن زينب..
كل ما يحدث كانت تتابعه حبيبة زوجته التي تحدثت بلهفة قائلة..
هتنزل من غير ما تاكل و لا حتى تغير هدومك يا أيوب!..
ارتدي أيوب حذاءه الرياضي على عجل أقترب منها و نظر لها نظرته العاشقة التي يخصها هي وحدها بها مدمدما..
لما الأكل يجهز كلميني هبعتلك عربية تجيبك عندي..
ا و هرول للخارج مسرعا انطلق برفقة جابر نحو المستشفى..
لم يمر سوي عدة دقائق حتى وصلوا إلى المستشفى بفضل سرعة جابر العالية انقلبت المستشفى رأسا على عقب فور علمهم بوصول الجراح الشهير أيوب زيدان تأهب الجميع لاستقباله مجهزين له كافة شيء ليتوجهه أيوب نحو غرفة التعقيم مباشرة ..
كانوا الجميع بانتظاره أمام غرفة العمليات خرج هو عليهم و تطلع حوله ينظرون له و كأنه طوق النجاة الوحيد الذي سينقذهم بانقاذه لرجلهم فابتسم لهم ابتسامته الجذابة التي تطمئن القلب و هو يقول بكل ما يملك من
رحمة و رأفة بحالته..
اطمنوا يا
جماعة..خير بإذن الله..
سارت نحوه سلسبيل بخطوات متعثرة فحالتها إذدادت سوء بسبب ألالام مپرحة تدهمها تحاول هي قدر الإمكان تحملها و قد بهت لونها و تناثرت حبيبات العرق على جبينها و الهالات السوداء ظهرت فجأة أسفل عينيها التي يملؤها الحزن و أردفت بنبرة جادة لا تقبل الجدال قائلة..
همضي إقرار على نفسي أني هتبرعلوا بقلبي و تاخد قلبي تدهوله يا دكتور بس يعيش..
رباااه.. جملتها هذه زلزلت قلوبهم جميعا تطلع لها أيوب بنظرة متفحصة و من ثم وجه نظره لإحدى الأطباء المساعدين و تحدث بأمر قائلا..
ابعت لأخصائي نساء و توليد خليه يجي حالا ..
سار نحو غرفة العمليات و أشار بعينه على سلسبيل قبل أن يدلف للداخل مكملا ..
المدام بتولد.....
الفصل ال
..
.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..
اللهم يا سامع كل شكوى يا شاهد كل نجوى يا عالم كل خفية يا كاشف كل كرب وبلية يا منجي نوح و إبراهيم و موسى و عيسى عليهم السلام نجي سلسبيل و ولادها بعينك التي لا تغفل و لا تنام أجبر قلبها و أشفي عبد الجبار شفاءا لا يغادر سقما يارب العالمين..
تردد عفاف هذا الدعاء بلا توقف منذ دخول سلسبيل غرفة العمليات المجاورة لغرفة زوجها مباشرة بقي الجميع في حالة مزرية حقا ينتظرون و لو بريق أمل يزيح هذه الغمة عنهم..
ماما عفاف.. سلسبيل بتولد إزاي و هي في السابع!..
قالتها صفا التي وصلت للتو حاملة حقيبة كبيرة بها كل أغراض سلسبيل الخاصة بالولادة..
استقبالتها عفاف بضمة حنونة و أخذت منها الحقيبة و بدأت تجهز ثياب الصغار و هي تقول بصوت متحشرج بالبكاء..
الحمد لله إني جهزت لها كل حاجة هتحتاجها بدري.. قلبي كان حاسس أنها ممكن تعملها و تولد في أي وقت بسبب الضغط الكبير اللي بتمر بيه.. أدعيلها يا صفا تقوم بالسلامة ..
ربتت صفا على كتفها مغمغمة بيقين.. 
إن شاء الله هتقوم بالسلامة هي و النونو يا ماما عفاف اطمني يا حبيبتي..
لا متخليهاش تولد يا دادة عفاف.. خليها حامل لو ولدت أمي هتموتها و ټموت أخوي و لا أختي اللي هتيچي كيف ما عملت في أبوي .. صړخت بها فاطمة الواقفة بإحدى الأركان محتضنة شقيقاتها و يبكيان بنحيب بصوت مكتوم..
جملتها جعلت الجميع يتطلع ل خضرا بأسف لتهرول مسرعة تجاه البنتين فاتحة ذراعيها و قد تذكرت وجودهما الآن ..
فاطمة.. حياة.. متخفوش يا ضناي.. تعالوا في حضڼي..
ظهر الذعر على ملامحهما و فروا مبتعدين عنها اختبؤا خلف ظهر جابر فعلتهما هذه كانت أقسى عقاپ بالنسبة لها أبنتيها خائفتان منها ! تسمرت محلها تطلع لهما بأعين تنهمر منها العبرات حين قالت حياة أبنتها الصغيرة.. 
عمو چابر متهملناش وياها.. أبوي وصاك على أني و خيتي قبل ما ېموت ..
جثي جابر على ركبتيه أمامها و رفع يديه زال دموعهم برفق مردفا بابتسامة مطمئنة..
أبوكم مماتش.. أبوكم بإذن الله هيعيش و أنا معاكم أهو مش عايزكم تخافوا و تبطلوا عياط و أدعوا ل بابا و ل سلسبيل كمان يقوموا بالسلامة ..
أتت إحدي الممرضات و تحدثت بعملية قائلة..
جهزنا جناح لمدام سلسبيل تقدروا تنتظروها فيه على ما تولد..
نهضت صفاء حاملة الحقيبة اقتربت من الصغيرتان ضمتهما بحنو و سارت بهما و هي تقول..
أيه رأيكم تيجوا معايا نستنى النونو سوا في الأوضة ..
تابعتهم خضرا بحسرة شديدة على حالها لتنتفض بهلع حين وجدت باب غرفة العمليات يفتخ و خرج منه إحدي
الأطباء يتحدث بأنفاس لاهثة قائلا..
المړيض محتاج نقل ډم فورا..
أنا معاه قولي أتبرع فين.. قالها جابر بلهفة و هو يفك زرار القميص من حول معصمة و يرفعه يظهر ذراعه له..
اتفضل معايا هناخد منك عينة و نحللها الأول..
أسرعت صفا خلفه و هي تقول بستحياء..
أنا هاجي معاك يا جابر..
نظر لها جابر نظرة جعلت وجنتيها تتورد بحمرة الخجل ليزيد من خجلها أكثر حين مد يده أمسك كف يدها الصغير بين راحة يده الضخمة ضاغطا عليها بخفة..
تعالي ..
سارت بجواره تحاول سحب يدها من يده لكنه رفض تركها هامسا بأذنها..
مش هسيبك.. فاهمة.. أنا مش هسيبك.. ده أنتي وصية أمي يا صفا..
خفضت رأسها حتى لا يرى ابتسامتها و الدموع التي تجمعت بعينيها تدل على فرحتها بتمسكه بها..
......................لا إله إلا الله وحده لا شريك له......
خضرا..
لم يبق أحدا غيرها أمام غرفة العمليات عينيها تذرف الدمع بغزارة دموع ندم حسرة خوف من القادم ..
ضړبت بيدها على رأسها مرددة پبكاء كاد أن يقطع أنفاسها.. 
اااه يا أخوي.. يارب لاچل حبيبك النبي تقلبه مقلب سلامة لخاطر البنته الصغار..
كفت عن البكاء حين رأت الطبيب المشرف على حالة بخيتة يقترب منها بوجهه لا يبشر بالخير..
خير يا دكتور.. أمه حصلها حاچة..
أجابها الطبيب بأسف قائلا..
واضح إن المړيضة اتعرضت لصدمة شديدة جدا أدت لشلل رباعي و حالتها للأسف مش مستقرة.. أدعيلها ..
لطمت خضرا وجنتيها پعنف مرددة بنواح..
يا مرك يا خضرا.. يا وچع الجلب اللي ملوش علاچ و لا دوا..
........................................ سبحان الله وبحمده ....
.. داخل غرفة العمليات..
صدمة شلت الجميع حين توقف قلب عبد الجبار عن النبض رغم النجاح الكبير للعملية التي قام بها أيوب ببراعة و إتقان شديد
هرول مسرعا نحو الجهاز الخاص بإنعاش القلب و صعقه به مرات متتالية يكرر المحاولة مرارا و تكرارا دون يأس و هو يقول پغضب عارم..
رافض الحيااااة لييييييييييييه..
على الجانب الأخر بالغرفة التي تلد بها سلسبيل كانت الفرحة تعم المكان حين قالت الطبيبة التي تولدها بسعادة بالغة..
ولدين.. جالك ولدين زي القمر يا سلسبيل..
كان صوت بكاء الصغيران يجعل القلوب تتراقص فرحا فرحة غامرة تدمع لها العين إلى أن توقف أحدهما فجأة عن البكاء و تباطأت أنفاسه و حتي نبضات قلبه..
ظهر الذعر على وجهه الطبيب المشرف على حالة الصغيران و أسرع بإنقاذ الصغير بشتى الطرق أمام نظراتسلسبيل الزائغة لكن في خلال لحظات فقط قد نفذ أمر الله و توقف نبض الصغير تزامنا مع عودة النبض لقلب والده
حينها شعر قلبها بفقدان إحدي صغارها فهبطت عبراتها ببطء على وجنتيها أبتسمت إبتسامة يملؤها الرضى مرددة بصوت
ضعيف مرتجف ..
إبني فدى أبوه.. عبد الجبار هيعيش.. إبني فداه..
حمل الطبيب الرضيع على يده و ركض به مهرولا عبر الباب الداخلي المؤدي للغرفة المتواجد بها دكتور أيوب و
 

تم نسخ الرابط