جبر السلسبيل

موقع أيام نيوز


بلا روح تاركا قلبه بحوزتها..
..................... صل على محمد .....
سلسبيل..
كم كانت تأمل أن تراه قبل أن يغادر برفقة خضراأصبح هو الشخص الوحيد الذي تشعر في وجوده بالأمان تريد أن تخبره كم هي ممتنة لوقوفه معاها لقبوله الزواج منهاو أنه أول رجل تدعوا له من صميم قلبها بعدما كانت تدعوا على جميع الرجال بسبب ما حدث لها على يد زوجها السابق ووالدها الذي لم يكلف نفسه ليسأل حتى عن حالها..

يؤلمها شعور الوحدة كالسکين البارد ېمزق قلبها دون رحمة خائڤة من أن تلقى حتفها و هي بمفردها دون جليس و لا أنيس ظلت عينيها على باب الغرفه تنتظر قدومه على أحر من الجمر..
هو عبد الجبار بيه لسه بره و لا مشي لو سمحتي.. 
همست بها للممرضة التي تقوم بأعطائها الدواء..
لا مش برة.. دا مشي هو و مدام خضرا من ساعة ما خرجت من عند حضرتك.. 
هكذا أجابتها بمنتهي البساطة جملتها هذه حطمت كل أمالها جعلت دموعها تنهمر على وجنتيها بغزارة دون بكاء..
انتفضت الممرضة بفزع حين رأتها تبكي و تحدثت بلهفة مستفسرة.. 
بټعيطي ليه.. حاسة بحاجة بټوجعك!! ..
لم تجد سوي الصمت حليفها بينما سلسبيل تنظر للفراغ بشرود و أعين لم تتوقف عن ذرف العبرات و قد بدأ الجهاز الموصل بقلبها بإصدار بعض الأصوات..
أسرعت الفتاة نحو زرار الطوارئ ضغطت عليه ليهرول نحوهما عدد لا بأس به من الأطباء..
........................... لا حول ولا قوة الا بالله...
دلفت خضرا داخل منزلها بخطي ثابتة مصطنعة القوة أمام بخيتة الجالسة بردهة المنزل كان عبد الجبار مازال بالخارج يصف سيارته فور رؤيتها ضحكت بشماته بائنة و هرولت تجاهها حتي توقفت أمامها مباشرة و تحدثت بفرحة غامرة.. 
والله و عمالها و برد جلبي و أتچوز عليكي يا بت نفيسة..
برضايا .. أردفت بها خضرا بابتسامة تخفي بها قهرتها الظاهرة على ملامحها صدح صوت ضحكة بخيتة مرددة بسخرية.. 
أيوه أيوه برضاكي.. ما أني خابرة
زين.. حتي باين علي خلقتك..
توقفت عن الضحك و توحشت ملامحها فجأة مكملة بقسۏتها المعتادة.. 
إياك تكوني فاكرة أن حديتك اللي قولتهولي هز شعرة واحدة من راسي.. 
حركت رأسها بالنفي و تابعت بجحود.. 
أنتي عملتي اللي أني ريداك تعمليه.. مكنش حد غيرك هيقنع ولدي يتچوز سلسبيل اللي كسرت بيدي شوكتها و لا هيقوم ليها قومة مرة تانية و انتي كمان يا خضرا انهاردة مش بس كسرت شوكتك.. لع أني كسرت جلبك اللي ڼار الغيرة بتنهش فيه نهش و دخانها طالع من عنيك..
تطلعت لها خضرا بصمت لم تبدي أي رد فعل على ملامحها الجامدة لتكمل بخيتة بصرامة.. 
لازم تبجي عارفة إن لسه متخلقتش المره اللي تمشي حديتها على بخيتة..
واقفين أكده ليه عاد!!! .. 
قالها عبد الجبار الذي دلف للتو فتحت بخيتة فمها لتجيبه لكنها قفزت بخضة حين صدح سيل من زغاريد خضرا عاليا مرارا و تكرارا دون توقف حتى كادت أنفاسها أن تنقطع فألم قلبها قد فاق تحملها لكنها لم تتمكن من الصړاخ.. 
مبروك ياخوي.. ألف بركة چوازك يا عبد الچبار..
و هي تربت على كتفيه بكلتا يديها مكملة.. 
ندر عليا اليوم اللي ترچع فيه سلسبيل على الدار و نطمن عليها لعملك ليلة كبيرة كلها مغني و وكل من عمايل يدي..
نظرت تجاه بخيتة التي تصطك على أسنانها بغيظ و هي تراها لم تبالي لحديثها معاها.. 
و هرقصلك كمان انت و عروستنا يا سيد الناس..
الله يباركلي فيك يا غالية.. 
قالها عبدالجبار و هو بقوة غير عابئ لنظرات بخيتة الحاړقة فهو يشعر پألم زوجته رغم أنها نجحت في اخفاءه
انبلجت ابتسامة خبيثة على ملامح بخيتة و نظرت ل خضرا مدمدمة.. 
اممم.. و لما ترچع عروستنا تسيبي بجي الدار ليهاو تعاودي أنت و البنته الصغار و أني كمان معاكم على الصعيد و نسيبهم بجي لحالهم يقضوا شهر العسل عشان يچبولي الواد..
شعرت خضرا أنها تلقت ضربه قاټلة على رأسها جعلت الدنيا تومض من حولها انسحبت الډماء من عروقها و وقفت كالصنم تحملق في بخيتة التي تضحك بسعادة بالغة بعدما وصلت لغايتها..
لم تدوم ضحكتها طويلا تلاشت سريعا حتي اختفت نهائيا و حل مكانها الضيق حين قال عبد الجبار بصوته الأجش.. 
خضرا مهتسيبش دارها و لا تهملني لحالي واصل..
حديثه هذا رد الروح إليها ثانية تطلعت له بأعين تلتمع بالدموع فأهداها ابتسامته الجذابة مكملا.. 
ده دارك و احنا كلنا ضيوف عندك..
نطر لوالدته التي كادت أن ټنفجر من شدة غيظها و تابع بجملة جعلت قلب خضرا يتراقص بين ضلوعها من فرحته حين قال.. 
و لو في حد هيعاود الصعيد يا أمه هتبجي سلسبيل مش خضرا..
قالها ليثبت لها مدي تمسكه بها لا و لن يغامر بخسارتها مهما كلف منه الأمر يري أنها تستحق منه هذا و أكثر حتي لو ضحي بقلبه الذي عشق تلك الصغيرة رغما عنه..
ربنا ميحرمنيش منك واصل و يديمك فوق راسي العمر كله .. 
قالتها و هي تقف على أطراف أصابعها و تقبل كتفه مرات متتالية..
ضړبت بخيتة بعصاها في الأرض و سارت من أمامهما بخطوات غاضبة و هي تسب و ټلعن و تدعوا على خضرا بغل و حقد دفين يغلف قلبها القاسې..
انتظر حتي تأكد من ذهاب والدته و أصبح بمفرده معاها.. 
تعالي أشبع منك شوي قبل ما بناتك يرچعوا من المدرسة .. 
همس بها و هو يسحبها خلفه نحو الدرج ضحكت بغنج حين مال عليها و حملها بين يديه و صعد بها الدرج بخطوات شبه راكضه
............................ لا إله إلا
الله..
مر اليوم من أجمل الأيام بحياة خضرا التي لم تترك زوجها لحظة واحدة يدلف
لخارج غرفتهما حتى وصل بها الأمر أن تحضر له طعام
الغداء و العشاء و هو بمكانه على الفراش..
تطعمه بيدها و قد ظهرت له تجاوب و ترحاب في علاقتهما أذهله شخصيا بعدما كانت تخجل من لها..
ما تفعله معه الآن لم تفعله حتي أول زواجهما و كأنها أصبحت عروس من جديد لأجل أرضاءه أو ربما حتي لا تترك له الفرصة للتفكير في غريمتها..
بعد قضاء ليلة رائعة انفصلت عن العالم أجمع و ڠرقت في نوما عميق .. لم تستمع حتى لصوت رنين هاتفه المستمر..
كان عبد الجبار شارد الذهن بزوجته التي تمكث بالمستشفى بمفردهايمنع نفسه بشق الأنفس حتى لا يذهب إليها الآن سقط قلبه أرضا حين لمح رقم الطبيب المشرف على حالتها.. 
خير يا دكتور.. سلسبيل حصل لها حاچة!..
أتاه صوت الطبيب يتحدث بإحراج قائلا.. 
أنا آسف أني بكلم حضرتك في وقت متأخر.. بس مدام سلسبيل مش مبطلة عياط نهائي.. و احنا ادينها مهدئ و منوم كذا مرة و كل ما بتفوق بترجع ټعيط أكتر و مش هينفع نديها أي مهدئات تاني انهاردة.. فقولت أبلغ حضرتك لو تحب نخلي دكتور نفسي يكشف عليها يمكن يقدر يخليها تحكيله عن اللي مزعلها و !!! ..
لع.. متخليهاش تحكي مع حد واصل لحد ما اچي فاهمني زين يا دكتور.. أني دقايق وأبقى عندك.. 
هكذا قطع عبد الجبار حديثه و غادر الفراش مسرعا من جوار زوجته ..
أمرك يا عبد الجبار بيه.. أنا في انتظارك..
أغلق عبد الجبار هاتفه و ألقاه على أقرب طاولة بإهمال و فتح الخزانة أخذ منها بعض الثياب و قميص بلون الرمادي و سروال من اللون الأسود هرول نحو حمام الغرفة اختفى داخله بضع دقائق معدودةو من ثم خرج و هو يغلق أزرار قميصه..
لف الحزام مشط شعره الكثيف بعناية فائقه و نثر عطره المميز بسخاء و خطڤ أغراضه المكونة من جزدانه الجلدي هواتفه مفاتيح سيارتهو سار لخارج الغرفة بخطوات واسعة..
غيرت عليك منها يا عبد الجبار.. 
أردف بها خضرا بصوت متحشرج بالبكاء استيقظت حين وصل لأنفها رائحة عطره جعلته يتوقف عن السير و نظر نحوها وجدها تسحب الغطاء على جسدها و تعتدل بتكاسل جالسة تنظر له بخجل مكملة.. 
غيرت ڠصب عني ياخوي.. مكنتش خابرة أن چوازك عليا هيبجي واچعه واعر أوي أكده و يخليني أكدب على البنته المړيضة اللي كانت رايده تشوفك و أقولها أنك عندك شغل ياما و أني خابرة أن انهاردة يوم اچازتك..
شعر بخنجر حاد يقطع نياط قلبه على حين غرة عندما أدرك سبب بكاء صغيرته سيطر على انفعالاته المتضاربه بمهارة و سار 
أنت تغيري عليا بكيفك يا غالية..
رق قلبها ل سلسبيل بعدما غمرها هو بفيض من كرمه و شغفه و تفهمه لمشاعرها فابتسمت له بحب مردفة پبكاء.. 
روحلها .. روحلها اچبر خاطرها المكسور زي ما چبرتني يا خوي.. 
سبحان الله العظيم ...
سلسبيل ..
كانت بحالة يرثي لها تبكي و تأن بضعف من تلك
الوخزات المؤلمة التي تغزو صدرها و قلبها معا فما أصعب الشعور بالوحدة في وجود الزوج و اليتم في وجود الأب..
تسارعت دقات قلبها و علقت أنفاسها بصدرها حين تسللت إلى أنفها عبق رائحتة لوهلة ظنت أنها تتوهم وجوده لشدة أحتياجها له
لينفتح باب الغرفة و دلف هو منه بهيئته التي
تفقدها صوابها تطلعت له بأعين تشتعل تتلهف لقربه رائحته لمسته لكنها تظهر عكس ما بداخلها تصطنع الجمود رغم الضجيج الصارخ بأعماقها الذي يستجديه أن يشد رحاله ..
أشاحت وجهها للجهة الأخرى لتخفي فرحتها حين رأت لهفة عينيه الحادتين عليها لأول مرة قطع المسافة بينه وبينها بخطوتان 
بجيتي مراتي.. مراتي يا سلسبيل.. 
أجهشت بالبكاء و كأنها تشكو له بدموعها ما عانته طيلة عمرها رفع إحدي يديه و وضع أبهامه على شفتيها و هو يقول.. 
هششش.. كفاياك بكي.. خابر أني عوقت عليك.. حقك عليا ..
اتأخرت عليا أوي يا عبد الجبار.. أوي.. 
همست بها بتقطع من بين شهقاتها الحادة و هي تمتثل رغما عنها للسحر الذي يبثه لها بنظراته..
أيه قولك أحكيلك حدوتة الچبر..
قالها و هو يزيل عبراتها المنهمرة على وجنتيها بأنامله بمنتهي الرفق نظرت له بعينيها نظرتها التي تذيب قلبه المتيم بها عشقافتابع همسه الهادئ ..
چبر جلب السلسبيل..
ماذا أريد 
أريد الراحة و الأمان 
و أن أعيش ف أطمئنان 
و أن يكون لدي حصانة من غدر الزمان 
فهل يتحقق ما أريد 
أم يذهب طي النسيان 
أريد عوض قريب 
من رب العالمين 
لعله يستجيب 
فهو جابر المنكسرين. 
الفصل الرابع عشر..
سلسبيل.. 
بالنسبة لها لم يعد للحديث أي أهمية الآن يكفي الصمت المطعم بالتنهيد بعدما تحقق أعظم أحلامها و حصلت على عناق الرجل الوحيد الذي جعل قلبها ينبض لأول مرة بالحياة اتخذته شجرة يقطينها الطيبة إذا البرد وارتعاشة الظلمة اجتاحتها احتميت بأوراقه الدافئة..
تسرق لحظات من الزمن معه 
يهديها ابتسامته كلما شعر بخۏفها لم يتحدث معاها و ظل صامتا عندما رأي طقس حدقتيها الغائم الذي بكلمة حنان منه سينهمر المطر..
إلى أن تحدثت هي بعدم تصديق بصوت مبحوح مرتجف..
عبد الجبار.. أنت هنا معايا!! ..
و تابعت ببوادر بكاء..
أنا في فعلا و لا أنا بحلم زي كل يوم!!!..
في يا سلسبيل و چوه جلبي كمان يا زينة
 

تم نسخ الرابط